19 عين الكبيرة 8 ماي 45

عين الكبيرة وأحداث 8 ماي 1945

لم تكن منطقة عين الكبيرة بمعزل عن النشاط السياسي، حيث يوجد بها مكتب لحركة أحباب البيان والحرية  يشرف عليه الحواس بلميهوب كمنسق و بوجمعة اولمان المدعو مولود كأمين عام وخليفة سياري و بوزيد سمارة كعضوين نشيطين بالحزب، يتصل أعضاء المكتب بالسيد الهادي مصطفاوي لدفع الاشتراكات المقدرة بـ 25 فرنك فرنسي قديما آنذاك. وقد نشطت مجموعة من المناضلين باسم حزب الشعب الجزائري المحظور رسميا (تعرض للحل عام 1939) منهم رشيد بوجليدة ،قدور بولحية، بلعيد عبد السلام،  ابراهيم بوقري، محمد معيزة، ساعد بن زايد ولمنور لقديم. وقامت جمعية علماء المسلمين الجزائريين حسب أحد أعضائها المدعو  مولود سمارة بتأسيس مدرستين احداهما في بني عزيز درس بها الشيخ أحمد حكيمي والثانية بخراطة درس بها الربيع بوشامة، أما الإدارة الفرنسية فيمثلها الحاكم روني روسو ونائبه بانسيل وبمساعدة أربعة عشر من القيادة، وقد استخدمت مختلف أساليب القهر والاستبداد على سكان المنطقة فعل سبيل المثال لا الحصر، لم تكن تسمح لهم بالدخول والخروج من وإلى المنطقة إلا بترخيص منها.

نتج عن الوضع السياسي أوضاع اقتصادية متدهور للغاية حيث سيطر المعمرون على النشاطات الاقتصادية الأراضي الزراعية ، فقد نزل سرب من السفاحين استطاعوا أن يستولوا على الأراضي بفضل تشريعات صدرت لهذا الغرض منها قرار 21 سبتمبر 1830 الذي يسمح بمصادرة أملاك الوقف والباليك قصد توزيعها على الأوروبيين الوافدين .ويعتبر هذا النوع من الملكية المصدر الأساسي لحياة الغالبية من السكان .ومن المعمرين المستفيدين من هذا القرار المعمر هنري فابرر الذي كان يملك لوحده 1200 هكتار والكونت بيرو والمزارع جلبار أميني والتاجر شارلو والطبيب مازوكا بينما كان سكان المنطقة يعانون الاستغلال الفاحش (الخماسة ) مما أنعكس سلبا على الأوضاع الاجتماعية حيث انتشرت المجاعة وأصبح السكان يقتاتون من عشب الحقول وأوراق الاشجار فأدي ذلك غلى أنتشار الامراض مثل التفوئيد وارتفاع عدد الوفيات وما زاد الوضع سوءا هو الجفاف الذي اصاب المنطقة خلال هذه الفترة كذا زحف الجراد . لقد تولد عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي الوخمين علاقات حقد وكراهية بين المواطنين والمستوطنين.

خرج الجزائريون في مظاهرات 8 ماي 1945 ليعبروا عن فرحتهم بانتصار الحلفاء، وهو انتصار الديمقراطية على الدكتاتورية، وعبروا عن شعورهم بالفرحة وطالبوا باستقلال بلادهم وتطبيق مبادئ الحرية التي رفع شعارها الحلفاء طيلة الحرب الثانية، وكانت مظاهرات عبر الوطن كله وتكثفت في مدينة سطيف التي هي المقر الرئيسي لأحباب البيان والحرية، ونادوا في هذه المظاهرات بحرية الجزائر واستقلالها.

وبعد انطلاق أحداث 8 ماي 45 بسطيف قام عمار ضيافات المدعو"مبروك العدواني" بنقل الاحداث الى عين الكبيرة حيث بعد عودته من سطيف بسيارته التي وقع لها عطب في العجلات تجاهلها السائق ليتمكن من الوصول إلى مدينة عين الكبيرة وإستقبله المسؤول المحلي لحركة أحباب البيان والحرية بوجمعة اولمان ونادى بصوت مرتفع الله أكبر وروى كل ما شاهده من أحداث وأخبر الأهالي بقتل الحاكم وخليفته بدوار الضيافات الواقع على الطريق المؤدي الى عين الكبيرة وكان ذلك على الساعة الثانية زوالا.

 بادر السكان بمهاجمة مركز البريد والمواصلات فقتلوا قابضه "بيار صوبان" وابنه "بيار" وقطعوا الاتصال الخارجي، لينتقلوا بعدها الى مخزن الاسلحة والذخيرة الذي فتحه الحارس"عمار بوقندورة" وتم الاستلاء على 75 بندقية و5 صناديق للذخيرة.

بدأت مشادات عنيفة بين السكان والمستوطنين تبادلوا فيها طلقات النار مما أدى الى سقوط 15 معمرا من بينهم المعمر الكبير فابر هنري الذي قتل مع حارسين عسكريين أليكسي موريل  وشارل كاريي واختبأت البقية في خندق ببيت أحدهم وقد حول السكان إحراقه لكن وصول الامدادات منع ذلك تأهب المتظاهرون لمواجهتها فكانت النتيجة إصابة أحدهم وفي نفس الوقت وصل سرب من الدبابات إلى مشارف المدينة إذ حاول ثلاثة مواطنين التصدي لها ليتمكن من كانوا داخل المدينة من الفرار قبل أن تبدأ الدبابات في عملية القصف·

وانتقلت بعد ذلك القوات العسكرية رفقة زوجة الحاكم الى دوار اولاد عدوان (الشرشور) ودوار الضيافات للثأر لزوجها فتم حرق الدشرتين بأكملهما وقتل 17 من الاهالي.

وفي اليوم الموالي انتهجت فرنسا سياسة الترغيب والترهيب في حق السكان من خلال رفع القياد لرايات بيضاء مطالبين السكان بالاستسلام وتسليم السلاح مثلما حدث في عين أخريب ثم اعتمدت على الخونة الذين دلوهم على الذين شاركوا في الأحداث لتتوالى الاعتقالات بعد ذلك واستمر الوضع على هذا الحال لأكثر من اسبوعين.

وقد اسفرت نتائج هذه الاحداث على قتل أكثر من 15 معمر واستشهاد أكثر من  68شهيد من سكان عين الكبيرة ومداشرها والتي تم تدميرها بالكامل، ومن هنا اتسعت الهوة وازدادت الكراهية واستحال التعايش بين المستوطنين والاهالي.


Date de création : 29/05/2018 19:12
Catégorie : - Région des Babors
Page lue 1353 fois