BanZaouiaSidiElDjoudi.jpg

جبال بابور

جبال بابور بسطيف.. تسحر زائريها بجمال طبيعتها الخلابة

روبورتاج: قــارة زهـــــير /قرقوري سوسن

 

جبال بابور بولاية سطيف، هذا المنتزه المعلق على قمة سلسلة جبال الأطلس التّلّي، على علو يزيد عن 2004 متر عن سطح البحر، في منظر تتعانق فيه غابات الأرز و الصنوبر و السرو و البلوط مع الجبال، لا يزال إلى غاية اليوم يشدّ إليه بسحر مناظره آلاف العائلات القادمة من مختلف الولايات، مثلما شدّ إليه مئات الأجانب، بينهم مفكرين و مثقفين و مصورين عالميين.

أجل جبال بابور، هذا المكان الذي سحر الفرنسيين و الأوربيين و المعمرين خلال العشر سنوات الأولى من احتلال الجزائر، حيث تشير مراجع تاريخية أن في فترة الاحتلال الفرنسي للمنطقة أعطيت أهمية بالغة للإقليم الشمالي لولاية سطيف، خاصة إلى مكانة جبال بابور في المحافظة على التوازن البيئي و المناخي لشمال الجزائر.

babor3

و نظراً للكنوز الطبيعية النادرة التي تتوفر عليها جبال بابور بمدينة سطيف،فقد تم اصدر مرسوم حكومي بتاريخ: 12/01/1921م، بجعل المنطقة محمية طبيعية على مساحة 2367 هكتارإلا أن ذلك لم يأخذ محمل الجد و تم التنازل عن القسم الجنوبي للأشغال المنجمية بعد عشر  سنوات من صدور المرسوم لتتقلص المساحة إلى1701 هكتار . و ذلك بأمر رقم: 160المؤرخ في 12/01/1931م. و قد ساعد قرار تحويل المنطقة لمحمية وطنية بالسيطرة على تجارة الخشب التي كانت محتكرة من بعض القياد و المعمرين الذين كثيراً ما نهبوا أجود أنواع الخشب المستخرج من غابة جبال بابور.

الفرنسيون كانوا يخططون لجعلها منتجعا سياحيا بامتياز

استناداً لبعض سكان المنطقة أن الفرنسيون عولوا كثيراً على جبال بابور بجعلها منطقة سياحية بامتياز للتزحلق على الثلوج و لقيت ترحيباً كبيراً من الفرنسيين و الأوروبيين على حد السواء ممن أسلمت أنفسهم لسحر فريد من نوعه تصنعه الجغرافيا الساحرة لجبال بابور التي تتشكل فيها علاقة خاصة بين الغابات و الجبال و نقاء الهواء، حيث كانوا يفكرون ليلاً و نهاراً في جعلها واحدة من أجمل المنتزهات في الوطن و شمال إفريقيا خاصة و أن المنطقة تشتهر بتساقط كثيف للثلوج يضفى عليها نوعاً من الجمال الخلاب.

و نحن نقطع المسافة الفاصلة بين مدينة سطيف و بابور المقدرة بـ: 60 كيلومترا، في طريق يأخذ شكل منعرجات للصعود إلى قمم هذه السلسلة الجبلية الشامخة التي تناطح السحاب بين أحضان مناظر طبيعية، تخلب الألباب، و تسحر النفوس، ذهبت فيها الطبيعة بأبهى تجلياتها، على السفوح المنحدرة إلى بطون التلال، نحو الوديان، و المجاري، و حولها مختلف أشكال و أنواع المساحات الخضراء، وجدنا العديد من الزوار و العائلات جاءت من كل حدب وصوب لتتنزه بغابات بابور،خاصة أن المكان يستقطب العشرات من الأجانب و آلاف الجزائريين على مدى الفصول الأربعة، لاسيما السكان المجاورين لها ك: (عين الكبيرة، بوقاعة، عين لقراج، الأوريسيا، قنزات) و بعض ولايات وسط البلاد ك:)بجاية و برج بوعريريج و ميلة و قسنطينة)، بعد أن شد إليه بسحر جماله و عذوبة مناخه المنعش و هوائه الرائع النقي و الهدوء الذي يوفره عمق غابات الأرز الحلبي و السرو و البلوط تتسلل عبرها أشعة الشمس الذهبية. في حين زار ”جبال بابور“ مصورين عالميين من أجل مراقبة بعض الطيور النادرة و تصوير نباتات لا توجد إلا في غابة بابور دون غابات العالم.

babor

لجبال بابور خصوصيتها الطبيعية

تعتبر جبال بابور بسطيف، واحدة من بين أهم السلاسل الجبلية التي تتوفر عليها بلادنا، تمتد على مساحة تزيد عن 2367 ألف هكتار، و تصنف من أغنى المناطق في الجزائر تنوعاً و ثراء من حيث النباتات و الحيوانات إذ أنها تحتوي على نباتات نادرة للغاية قدّر البعض عددها بأكثر من (416) نوع نباتي، منها”23“ نوع محمى قانونياًو مجموعة من الفطريات. كما تزخر بأنواع نادرة من الأشجار، في مقدّمتها أشجار الفلين، الذي يباع في أسواق أوروبية و آسيوية بأثمان مرتفعة لنوعيته الجيّدة، فضلاً عن أشجار ”الأرز الأطلسي، الحور و الرجراج و الطقسوس“.

و تشتهر جبال البابور بامتلاكها لأكثر من 15حيوانبري من بين47 حيوان المشكل للمخزون الوطني. كما ذُكِرَ في مصادر إعلامية أن هذه الجبال تحتوي على نوع نادر من الحشرات” morbillososcarabus“ و التي اكتشفها العلماء و هي تعيش تحت الثلوج وفي درجات حرارة منخفضة جدا رغم ضعفها. بالإضافة إلى وجود نوع نادر من الفهود يعرف علميا بـ ”linx caracal“ و الذي يتواجد لحد الآن بهذه الغابات، حيث تعرف عليه بعض المختصين من آثار أقدامه في الثلوج.

و يوجد أيضا بهذه الجبال ما يفوق (800) فصيلة من الطيورمنها: ( نقار الخشب، طائر الحجل، اللقلق…) إلى جانب بعض الحيوانات البرية ك: الذئاب و الثعالب و الخنازير، الأرانب و القنافذ، فضلا عن وجود نوعين من أصناف القردة، و الزواحف والبرمائيات.

و تشتهر الحظيرة بامتلاكها لـ: 32طائراً محمياً أهمها ”كاسر الجوز القبائلي“ الذي يعتبر أندر طائر على وجه الأرض، الذي اكتشفه العالم البلجيكي((Jean-PaulLedant المتخصص في الطيور و ذلك سنة 1975م، و قد فاجأ خبر هذا الاكتشاف الكثِير من عُلماء الطُيور حينذاك، و شكل موضوعاً جد مهم تداولاته مختلف وسائل الإعلام الدَولية. و كما هو معروف أن الطائر كاسر الجوز القبائلي لا يعيش سوى في أشجار التنوب النوميدي التي لا توجد هي الأخرى إلا في غابات بابور بسطيف.

babor1

مخزون أعشاب الطب البديل بجبال بابور

استناداً لبعض المختصين في الطب، أن جبال بابور تتوفر على أكثر من 385 صنف من الأعشاب الطبية لا توجد في أي غابة بالقارة السمراء إلا في جبال بابور بسطيف، منها نبتة ”داتورا“ التي أكدت الأبحاث أنها تساهم في علاج بعض أنواع مرض السرطان و كذا عشبة ”الزعتر البري“ الذي يدخل في المواد الأولية لمعجون الأسنان و صناعات أخرى، كما نجد ”الشيح“ الذي يعالج العديد من الأمراض منها انتفاخ البطن و غيرها. كما توجد بجبال بابور بسطيف، نبتة ”سدرة الأطلس“ التي تعتبر من أندر النبات في العالم و يمتد عمرها إلى مئات السنين. كما تتفجر من باطن هذه الجبال عدة ينابيع أكد البعض أنها أشفتهم من أمراض الكلي على غرار ”الحصى“. كما يوجد بها منجم ”الحجر الكحلي“ حيث يدخل هذا الأخير في صناعة الكحل المفيد للعين و الذي يحتوي على مادة ”الأرجينين“ النادرة هي الأخرى.

بابور حاضرة طيلة الفصول الأربعة

تعتبر جبال بابور بسطيف، المتنفس الوحيد من الحياة الخانقة، بل و بات التردّد عليها خلال فصل الشتاء و في كل فصول السنة مثار تفاخر و تباه بين العائلات و الأصدقاء. فبوسع الزائر أن يصعد لأعلى قمة و مشاهدة السحاب الذي يمر بالقرب منها و في بعض الأحيان يلامس قمة الجبل و هي في أحلى حلة مكسوة بالثلج شتاءاً، كما يجدها السائح في فصل الربيع و الصيف و الخريف منفذاً للترويح عن النفس، حيث يعثـر على مساحات شاسعة للتنزه في عمق الغابة. فرغم أن سمك الثلوج قارب الـ (03) ثلاثة أمتار ذات يومٍ، إلا أن بابور تعتبر وجهة مفضلة لعشرات العائلات التي تتسابق رفقة أطفالها للاستمتاع بأجمل المناظر و التقاط أجمل صور للذكريات. و هي متحف على الهواء الطلق لمن يعشقون الهواء الجميل النقي و الجو المنعشوبوسعها أن تتحوّل إلى منتجع سياحي بامتياز، بالنظر لخصوصيتها الطبيعية العذراء، و لخزان وعائها النباتي و ثـروتها الحيوانية.

جبال بابور بسطيف هي لوحات فنية على الطبيعة الخلابة، هي آية من أروع ما أبدعه الله، في الكون من لوحات الجمال، بتشكيل أروع المناظر، و أجمل المشاهد، تنطق بوحدانيته، هي منطقة تختزل بكلمة واحدة (بابور العملاق) فسبحان الخالق.


Date de création : 17/02/2018 14:03
Catégorie : Histoire & Géographie - Babor - Ain El Kébira
Page lue 2271 fois